فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي صحيح البخاري: إن ناسًا من أهل اليمن كانوا يحجون ولا يتزوّدون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا سألوا الناس، فأنزل الله تعالى: {وَتَزَوَّدُواْ} [البقرة: 197]. وقد مضى هذا في البقرة.
واختلف في زاد موسى ما كان؛ فقال ابن عباس: كان حوتًا مملوحًا في زنبيل، وكانا يصيبان منه غداء وعشاء، فلما انتهيا إلى الصخرة على ساحل البحر، وضع فتاه المِكتل، فأصاب الحوت جري البحر فتحرك الحوت في المكتل، فقلب المكتل وانسرب الحوت، ونسي الفتى أن يذكر قصة الحوت لموسى.
وقيل: إنما كان الحوت دليلًا على موضع الخضر لقوله في الحديث: «احمل معك حوتًا في مِكتل فحيث فقدت الحوت فهو ثَمَّ»، على هذا فيكون تَزوَّدا شيئًا آخر غير الحوت، وهذا ذكره شيخنا الإمام أبو العباس واختاره.
وقال ابن عطية: قال أبي رضي الله عنه، سمعت أبا الفضل الجوهريّ يقول في وعظه: مشى موسى إلى المناجاة فبقي أربعين يومًا لم يحتج إلى طعام، ولما مشى إلى بَشَر لحقه الجوع في بعض يوم.
وقوله: {نَصَبًا} أي تعبًا، والنصب التعب والمشقة.
وقيل: عنى به هنا الجوع، وفي هذا دليل على جواز الإخبار بما يجده الإنسان من الألم والأمراض، وأن ذلك لا يقدح في الرضا، ولا في التسليم للقضاء لكن إذا لم يصدر ذلك عن ضجر ولا سخط.
وفي قوله: {وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشيطان أَنْ أَذْكُرَهُ} أن مع الفعل بتأويل المصدر، وهو منصوب بدل اشتمال من الضمير في {أنسانيه} وهو بدل الظاهر من المضمر، أي وما أنساني ذكره إلا الشيطان؛ وفي مصحف عبد الله {وما أنسانيه أن أذكره إلا الشيطان}.
وهذا إنما ذكره يوشع في معرض الاعتذار لقول موسى: لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت؛ فقال: ما كَلَّفتَ كبيرًا؛ فاعتذر بذلك القول.
قوله تعالى: {واتخذ سَبِيلَهُ فِي البحر عَجَبًا} يحتمل أن يكون من قول يوشع لموسى؛ أي اتخذ الحوت سبيله عجبًا للناس.
ويحتمل أن يكون قوله: {واتخذ سبيله في البحر} تمام الخبر، ثم استأنف التعجيب فقال من نفسه: {عجبًا} لهذا الأمر.
وموضع العجب أن يكون حوت قد مات فأكل شقّه الأيسر ثم حيي بعد ذلك.
قال أبو شجاع في كتاب الطبري: رأيته أتيت به فإذا هو شقّ حوت وعين واحدة، وشق آخر ليس فيه شيء.
قال ابن عطية: وأنا رأيته والشقّ الذي ليس فيه شيء عليه قشرة رقيقة ليست تحتها شوكة.
ويحتمل أن يكون قوله: {واتخذ سَبِيلَهُ} إخبارًا من الله تعالى، وذلك على وجهين: إما أن يخبر عن موسى أنه اتخذ سبيل الحوت من البحر عجبًا، أي تعجب منه، وإمّا أن يخبر عن الحوت أنه اتخذ سبيله عجبًا للناس.
ومن غريب ما روي في البخاريّ عن ابن عباس من قصص هذه الآية: أن الحوت إنما حَيِيَ لأنه مسّه ماء عين هناك تدعى عين الحياة، ما مست قط شيئًا إلا حَيِيَ.
وفي التفسير: إن العلامة كانت أن يحيا الحوت؛ فقيل: لما نزل موسى بعد ما أجهده السفر على صخرة إلى جنبها ماء الحياة أصاب الحوت شيء من ذلك الماء فَحَيِيَ.
وقال الترمذي في حديثه قال سفيان: يزعم ناس أن تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها شيئًا إلا عاش.
قال: وكان الحوت قد أكل منه فلما قطر عليه الماء عاش.
وذكر صاحب كتاب العروس أن موسى عليه السلام توضأ من عين الحياة فقطرت من لحيته على الحوت قطرة فحيي؛ والله أعلم.
قوله تعالى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى} أي قال موسى لفتاه أمرُ الحوت وفقدُه هو الذي كنا نطلب، فإن الرجل الذي جئنا له ثَمَّ؛ فرجعا يقصّان آثارهما لئلا يخطئا طريقهما.
وفي البخاري: فوجدا خضرًا على طنْفِسة خضراء على كَبِد البحر مُسَجًّى بثوبه، قد جعل طَرفَه تحت رجليه، وَطَرفه تحت رأسه، فسلّم عليه موسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك من سلام؟ من أنت؟ قال: أنا موسى.
قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم.
قال: فما شأنك؟ قال: جئتُ لتعلّمني مما علّمت رشدا؛ الحديث.
وقال الثعلبيّ في كتاب العرائس: إن موسى وفتاه وجدا الخضر وهو نائم على طِنْفِسة خضراء على وجه الماء وهو مُتَّشِح بثوب أخضر فسلّم عليه موسى، فكشف عن وجهه فقال: وأَنَّى بأرضنا السلام؟ ثم رفع رأسه واستوى جالسًا وقال: وعليك السلام يا نبيّ بني إسرائيل، فقال له موسى: وما أدراك بي؟ ومن أخبرك أنّي نبيّ بني إسرائيل؟ قال: الذي أدراك بي ودَلَّك عليّ؛ ثم قال: يا موسى لقد كان لك في بني إسرائيل شغل، قال موسى: إن ربي أرسلني إليك لأتبعك وأتعلم من علمك، ثم جلسا يتحدّثان، فجاءت خُطَّافة وحملت بمنقارها من الماء؛ وذكر الحديث على ما يأتي. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَإِذْ قَالَ موسى}.
نصب بإضمار فعل، أي اذكر وقت قوله عليه السلام {لفتاه} وهو يوشعُ بن نونٍ بنِ أفرايمَ بنِ يوسفَ عليه السلام، سُمّي فتاه إذ كان يخدُمه ويتبعه، وقيل: كان يتعلم منه ويسمى التلميذُ فتًى وإن كان شيخًا، ولعل المرادَ بتذكيره عَقيب بيانِ أن لكل أمة موعدًا تذكيرُ ما في القصة من موعد الملاقاة مع ما فيها من سائر المنافعِ الجليلة {لا أَبْرَحُ} من برِح الناقصِ كزال يزال، أي لا أزال أسير فحُذف الخبر اعتمادًا على قرينة الحالِ إذْ كان ذلك عند التوجه إلى السفر واتكالًا على ما يعقُبه من قوله: {حتى أَبْلُغَ} فإن ذلك غايةٌ تستدعي ذا غايةً يؤدّي إليها، ويجوز أن يكون أصلُ الكلام لا يبرَح مسيري حاصلًا حتى أبلُغ فيُحذف المضافُ ويقام المضافُ إليه مُقامَه فينقلب الضمير البارزُ المجرورُ المحلِّ مرفوعًا مستكنًّا، والفعلُ من صيغة الغَيبة إلى التكلم.
ويجوز أن يكون من برح التامِّ كزال يزول أي لا أفارق ما أنا بصدده حتى أبلغ {مَجْمَعَ البحرين} هو ملتقى بحرِ فارسَ والروم مما يلي المشرِق، وقيل: طَنْجَةُ، وقيل: هما الكر والرس بإرْمِيْنِيةَ، وقيل: إِفْرِيقِيَّة، وقرئ بكسر الميم كمشرق {أَوْ أَمْضِىَ حُقُبًا} أسير زمانًا طويلًا أتيقن معه فواتَ المطلب والحُقب الدهرُ أو ثمانون سنة، وكان منشأُ هذه العزيمة أن موسى عليه السلام لما ظهر على مصر مع بني إسرائيلَ واستقروا بها بعد هلاكِ القِبْط أمره الله عز وجل أن يذكّر قومَه النعمةَ فقام فيهم خطيبًا بخطبة بديعةٍ رقت بها القلوبُ وذرَفت العيون، فقالوا له: مَنْ أعلمُ الناس؟ قال: أنا. فعتب الله تعالى عليه إذ لم يردّ العلم إليه عز وجل فأوحى إليه: «بل أعلمُ منك عبدٌ لي عند مجمع البحرين وهو الخِضْرُ عليه السلام». وكان في أيام أفريذون قبل موسى عليه السلام وكان على مقدّمة ذي القرنين وبقي إلى أيام موسى. وقيل: إن موسى عليه السلام سأل ربه: أيُّ عبادِك أحبُّ إليك؟ قال: الذي يذكرُني ولا ينساني قال: فأيُّ عبادك أقضى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى قال: فأيُّ عبادك أعلمُ؟ قال: الذي يبتغي علمَ الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمةً تدله على هدى، أو تردّه عن ردَى فقال: إن كان في عبادك من هو أعلمُ مني فدلَّني عليه، قال: أعلمُ منك الخِضْرُ قال: أين أطلبه؟ قال: على ساحل البحر عند الصخرة قال: يا رب كيف لي به؟ قال: تأخذ حوتًا في مِكْتل فحيثما فقَدته فهو هناك. فأخذ حوتًا فجعله في مِكتل، فقال لفتاه: إذا فقدتَ الحوتَ فأخبرني فذهبا يمشيان.
{فَلَمَّا بَلَغَا} الفاءُ فصيحة كما أشير إليه {مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} أي مجمعَ البحرين، وبينِهما ظرفٌ أضيف إليه اتساعًا أو بمعنى الوصل {نَسِيَا حُوتَهُمَا} الذي جُعل فقدانُه أمارةَ وُجدانِ المطلوب أي نسيا تفقّد أمره وما يكون منه، وقيل: نسي يوشع أن يقدّمه وموسى عليه السلام أن يأمره فيه بشيء، روي أنهما لما بلغا مجمع البحرين وفيه الصخرةُ وعينُ الحياة التي لا يصيب ماؤها ميْتًا إلا حيِيَ وضعا رؤوسَهما على الصخرة فناما فلما أصاب الحوتَ بردُ الماء ورَوحُه عاش، وقد كانا أكلا منه وكان ذلك بعد ما استيقظ يوشع عليه السلام، وقيل: توضأ عليه السلام من تلك العينِ فانتضح الماءُ على الحوت فعاش فوقع في الماء {فاتخذ سَبِيلَهُ في البحر سَرَبًا} مسلَكًا كالسرب وهو النفق، قيل: أمسك الله عز وجل جريةَ الماء على الحوت فصار كالطاق عليه معجزةً لموسى أو للخضر عليهما السلام، وانتصابُ سَربًا على أنه مفعولٌ ثانٍ لاتخذ وفي البحر حال منه أو من السبيل ويجوز أن يتعلق باتخذ.
{فَلَمَّا جَاوَزَا} أي مجمعَ البحرين الذي جُعل موعدًا للملاقاة، قيل: أدلجا وسارا الليلةَ والغدَ إلى الظهر وأُلقي على موسى عليه السلام الجوعُ فعند ذلك {قَالَ لفتاه ءاتِنَا غَدَاءنَا} أي ما نتغدى به وهو الحوتُ كما ينبىء عنه الجواب {لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هذا} إشارةٌ إلى ما سارا بعد مجاوزةِ الموعد {نَصَبًا} تعبًا وإعياءً، قيل: لم ينصَبْ ولم يجُعْ قبل ذلك، والجملةُ في محل التعليل للأمر بإيتاء الغداء إما باعتبار أن النصَبَ إنما يعتري بسبب الضعفِ الناشىء عن الجوع وإما باعتبار ما في أثناء التغدي من استراحة ما.
{قَالَ} أي فتاه عليه السلام: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصخرة} أي التجأنا إليها وأقمنا عندها. وذكرُ الإِواءِ إليها مع أن المذكور فيما سبق مرتين بلوغُ مجمعِ البحرين لزيادة تعيينِ محلِّ الحادثة، فإن المجمَع محلٌ متسعٌ لا يمكن تحقيقُ المراد المذكور بنسبة الحادثةِ إليه ولتمهيد العذر فإن الإِواءَ إليها والنومَ عندها مما يؤدي إلى النسيان عادة، والرؤيةُ مستعارةٌ للمعرفة التامة والمشاهدة الكاملةِ، ومرادُه بالاستفهام تعجيبُ موسى عليه السلام مما اعتراه هناك من النسيان مع كون ما شاهده من العظائم التي لا تكاد تنسى، وقد جُعل فقدانُه فقدانُه علامةً لوجدان المطلوب وهذا أسلوبٌ معتادٌ فيما بين الناس، يقول أحدهم لصاحبه إذا نابه خطب: أرأيتَ ما نابني؟ يريد بذلك تهويلَه وتعجيبَ صاحبه منه وأنه مما لا يعهد وقوعُه لا استخبارُه عن ذلك كما قيل، والمفعولُ محذوفٌ اعتمادًا على ما يدل عليه من قوله عز وجل: {فَإِنّى نَسِيتُ الحوت} وفيه تأكيدٌ للتعجيب وتربيةٌ لاستعظام المنسيِّ، وإيقاعُ النسيان على اسم الحوتِ دون ضمير الغَداءِ مع أنه المأمورُ بإتيانه للتنبيه من أول الأمر على أنه ليس من قبيل نِسيان المسافرِ زادَه في المنزل وأن ما شاهده ليس من قبيل الأحوالِ المتعلقة بالغداء من حيث هو غَداءٌ وطعامٌ، بل من حيث هو حوتٌ كسائر الحِيتان مع زيادة أي نسِيتُ أن أذكر لك أمرَه وما شاهدتُ منه من الأمور العجيبة {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشيطان} بوسوسته الشاغلةِ عن ذلك وقوله تعالى: {أَنْ أَذْكُرَهُ} بدلُ اشتمال من الضمير أي ما أنساني أن أذكرَه لك، وفي تعليق الإنساء بضمير الحوتِ أولًا وبذكره له ثانيًا على طريق الإبدالِ المنبىء عن تنحية المبدَل منه إشارةٌ إلى أن متعلَّقَ النسيان أيضًا ليس نفسَ الحوتِ بل ذكرُ أمره، وقرئ: {أن أذكّره}، وإيثارُ أن أذكُرَه على المصدر للمبالغة فإن مدلوله نفسُ الحدث عند وقوعه، والحالُ وإن كانت غريبةً لا يُعهد نسيانُها لكنه لما تعوّد بمشاهدة أمثالِها عند موسى عليه السلام وألِفَها قل اهتمامه بالمحافظة عليها {واتخذ سَبِيلَهُ في البحر عَجَبًا} بيانٌ لطرف من أمر الحوتِ منبىءٌ عن طرف آخرَ منه، وما بينهما اعتراضٌ قُدم عليه للاعتناء بالاعتذار، كأنه قيل: حَيِيَ واضطرب ووقع في البحر واتخذ سبيله فيه سبيلًا عجبًا، فعجبًا ثاني مفعولَي اتخَذ والظرفُ حالٌ من أولهما أو ثانيهما، أو هو المفعولُ الثاني وعجبًا صفةُ مصدرٍ محذوفٍ أي اتخاذًا عحبًا وهو كونُ مسلَكه كالطاق والسرَب، أو مصدرُ فعلٍ محذوف أي أتعجب منه عجبًا، وقد قيل: إنه من كلام موسى عليه الصلاة والسلام وليس بذاك.
{قَالَ} أي موسى عليه السلام {ذلك} الذي ذكرتَ من أمر الحوت {مَا كُنَّا نَبْغِ} وقرئ بإثبات الياء، والضميرُ العائد إلى الموصول محذوفٌ، أصلُه نبغيه أي نطلبه لكونه أَمارةً للفوز بالمرام {فارتدا} أي رجعا {على ءاثَارِهِمَا} طريقِهما الذي جاءا منه {قَصَصًا} يقُصان قَصصًا أي يتّبعان آثارَهما اتباعًا أو مقتصّين حتى أتيا الصخرة. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَإِذْ قَالَ موسى}.
هو ابن عمران نبي بني إسرائيل عليه السلام على الصحيح، فقد أخرج الشيخان والترمذي والنسائي وجماعة من طريق سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل فقال: كذب عدو الله ثم ذكر حديثًا طويلًا فيه الإخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو نص في أنه موسى بني إسرائيل، وإلى إنكار ذلك ذهب أيضًا أهل الكتاب وتبعهم من تبعهم من المحدثين والمؤرخين وزعموا أن موسى هنا هو موسى بن ميشا بالمعجمة ابن يوسف بن يعقوب، وقيل: موسى بن افراثيم بن يوسف وهو موسى الأول، قيل وإنما أنكره أهل الكتاب لإنكارهم تعلم النبي من غيره.
وأجيب بالتزام أن التعلم من نبي ولا غضاضة في تعلم نبي من نبي.
وتعقب بأنه ولو التزموا ذلك وسلموانبوة الخضر عليه السلام لا يسلمون أنه موسى بن عمران لأنهم لا تسمح أنفسهم بالقول بتعلم نبيهم الأفضل ممن ليس مثله في الفضل فإن الخضر عليه السلام على القول بنبوته بل القول برسالته لم يبلغ درجة موسى عليه السلام، وقال بعض المحققين: ليس إنكارهم لمجرد ذلك بل لذلك ولقولهم إن موسى عليه السلام بعد الخروج من مصر حصل هو وقومه في التيه وتوفي فيه ولم يخرج قومه منه إلا بعد وفاته؛ والقصة تقتضي خروجه علي السلام من التيه لأنها لم تكن وهو في مصر بالإجماع، وتقتضي أيضاف الغيبة أيامًا ولو وقعت لعلمها كثير من بني إسرائيل الذين كانوا معه ولو علمت لنقلت لتضمنها أمرًا عريبًا تتوفر الدواعي على نقله فحيث لم يكن لم تكن.
وأجيب بأن عدم سماح نفوسهم بالقول بتعلم نبيهم عليه السلام ممن ليس مثله في الفضل أمر لا يساعده العقل وليس هو إلا كالحمية الجاهلية إذ لا يعبد عقلًا تعلم الأفضل الأعلم شيئًا ليس عنده ممن هو دونه في الفضل والعلم.